في صبيحة اليوم الـ1883 على بدء ثورة الكرامة
مزلزل ما تشهده سوريا، فما تثبته الوقائع المرعبة عن السجون لا يضاهيها إجرام. وسقوط نظام الإجرام لا ينبغي أن يسقط ابداً اولوية المحاسبة، فمثل بشار الأسد وجلاوزة نظامه مكانهم الطبيعي سجن صيدمايا يتعفنوا فيه.. وإن صح أن حزب الله وأجهزة أمنية معنية تحمي بعض قتلة النظام الساقط، ومن بينهم المجرم علي المملوك، فإن ذلك شديد الخطورة وينبغي تسليمهم للقضاء دون إبطاء، وليفهم القاصي والداني ورموز بقايا السلطة أنه من غير المقبول أن يتحول لبنان لملجأ يحمي القتلة!
ولأن “اليوم خمر وغداً أمر” لن تنجح محاولات بعضهم حجب الفرح أمام مشهد فتح الزنازين، علماً أن القلق على المستقبل طبيعي جداً وموجود. ما من مواطن سوري إلاّ ويدرك أن لانعيم في القريب العاجل، ولا شيء يتقدم أهمية إستعادة سوريا التي إختطفها نظام القتل الأسدي ومزقها وإستقدم جيوش الأرض وميليشياتها لقتل أهلها. وتسبب إجرام النظام الديكتاتوري، الذي أمّن حماية للإحتلال الإسرائيلي في الجولان، بإستقدام الإحتلال مجددا، فإنفلت العدو الصهيوني يستبيح ويدمر القدرات العسكرية من ثكنات ومطارات ومرافيء وطائرات حربية ومدرعات وبحرية، ويحتل الجولان السوري وجبل الشيخ، وقد يكون توغل في الجغرافيا اللبنانية، للسيطرة على ثاني أكبر حوض مائي بعد الحوض الممتد من جبل المكمل حتى صنين. ومع التوغل الإسرائيلي حتى قطنة فإن جيش العدو بات على مسافة لا تزيد عن 25 كلم عن دمشق!
لقد مزق الأسد سوريا وشرزمها وألب قومياتها، والقوى التي اسقطت القديم هي “هيئة تحرير الشام” بقيادة أحمد الشرع( أبو محمد الجولاني) التي أُعيد تصنيعها من قبل تركيا، وأول قوة دخلت إلى دمشق كانت “غرفة عمليات الجنوب” بقيادة أحمد عودة قادمة من درعا، فيما أحكمت “قسد” السيطرة على شرق الفرات وأمنت الحدود الشرقية فقطعت الكوريدور الإيراني، و”قسد” التي قاتلت داعش بضراوة تعمل في منطقة النفوذ الأميركي! وضع خطير، وسوريا أمام مفترقٍ وتستحق بناء مشروع وطني يحول دون إنزلاقها نحو حكم شمولي قد يبقيها مفتتة. والخوف أنه مع إرتجال تسمية رئيس للوزراء من “هيئة تحرير الشام”، سيتأخر البحث الحقيقي في مستقبل سوريا إستناداً إلى القرار الدولي 2254. في بلد مليء بالكفاآت وبالقدرات ويواجه صعوبات ودمار البشر والحجر، لا بد من الوقت علّ أبناء سوريا يتجاوزون حقول الألغام لإستعادة كل سوريا.. إنها مرحلة تتطلب الصبر والكثير من العمل. المعاناة كبيرة والإحتلال يقضم الأرض!
الوضع المحيط ضاغط بقوة على لبنان، تهجير فوق تهجير، وتلكؤٌ في خطوات الخروج من الحرب المدمرة. اللجنة الخماسية التي إجتمعت أمس حضت لبنان على تنفيذ إلتزاماته التي نص عليها وقف النار فهي طريق الخلاص وبديلها بالغ الخطورة مع عدو حاقدٍ شهوته مفتوحة لإستئناف القتل والتدمير. أولوية الخروج من هذا الوضع تفترض إنتخاب رئيس للبلاد، من خارج المحاولات الحثيثة للقوى الطائفية تحاصص الرئيس لتعويم نظامها التحاصصي الغنائمي. وتفترض حكومة تستعيد الثقة والإحترام، بمقدوره قيادة مرحلة أمن مستدام وحدود آمنة. وينبغي للمرحلة التجريبية لوقف النار أن تطوي مرحلة السلاح اللاشرعي الذي لم يحمي وتسبب بدمار العمران.. كل ذلك يجب أن يكون مقدمة إنتخابات نيابية مبكرة توفر للبنان الإمكانيى لإعادة تكوين سليمة للسلطة، وبدون ذلك سيكون متعذراً الخروج من الدوامة!
وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن
الكاتب والباحث اللبناني حنا صالح