في صبيحة اليوم الـ1780 على بدء ثورة الكرامة
حنا صالح ٢٨/٩/٢٠٢٤
لافت ما أعلنه الخامنئي من إعادة فتح الباب للتفاوض مع الولايات المتحدة بشأن النووي الإيراني، وإستتبع الأمر بإعلان محمد جواد ظريف عودته عن الإستقالة كنائب للرئيس للشؤون الإستراتيجية. هذا القرار الذي ورد فيه أن لا عائق أمام الحكومة الإيرانية من “العودة للتعامل مع عدوها”، لا ينفصل عن مجمل ما آلت إليه التطورات في المنطقة بعد 10 أشهر على “طوفان الأقصى”!
خلال 10 أشهر جرى منح التوحش الإسرائيلي الفرصة لجعل غزة مقبرة مفتوحة، بتنفيذ أكبر محرقة بحق الشعب الفلسطيني. أطلت مع أخطر مقتلة نوايا المنظمات الصهيونية بالإستيطان مجدداً في القطاع، بعد تدميره واقتلاع أهله وإخضاعهم لحصار الجوع. ووضع أكثر من مليوني فلسطيني أمام أخطر ترانسفير يفوق بنتائجه ما كان عام 1948. “الطوفان” الذي لم يسبقه التوقف عند الحد الأدنى من الاحتمالات وتقييم ما يمكن أن ينجم عنه، أفضى على أرض الواقع إلى إنزال ضربة كبيرة بالقضية الفلسطينية، بحقوق الشعب الفلسطيني، وبدت طهران أمام حقيقة تعطيل الضلع الفلسطيني في مشروعها لإطباق هيمنتها على المنطقة.
وخلال 10 أشهر من حرب “المشاغلة” و”الإسناد” لغزة وحماس، كانت المنطقة يوم الأحد الفائت أمام الرد الذي نفذه حزب الله للإنتقام لمقتل قائده العسكري فؤاد شكر. ردٌ أعاد إلى الأذهان الكثير مما قيل عن الرد الإيراني في نيسان الماضي على عملية القنصلية الإيرانية في دمشق، المنسق والخاضع لـ”تفاهمات” مسبقة. وبالرغم من الضجيج وواقع أن الحقيقة أولى الضحايا في الحروب، فكل شيء ظهر وبان، وأكد ما ذهب إليه نصرالله في خطاب سابق من أن هدف المعركة الدائرة ليس إزالة إسرائيل بل منعها من الإنتصار(..) لكن أحداً لم يجب على السؤال الحقيقي: لماذا تم منح العدو هذه الفرصة؟
يحكم هذا المعطى الموقف الإيراني الحذر من أي مغامرة تحت عنوان الرد على مقتل إسماعيل هنية في طهران..عند هذا الحد ومع سقوط سرديات جمة، من الرد “المزلزل” إلى “أوهن من بيت العنكبوت” وكذلك إزالة دولة العدو في 7 دقائق ونصف، ولا ننسى أننا جعلنا الصهاينة يقفون على “إجر ونصف”.. هنا رأى المرشد أن الظرف مناسب جداً للعودة إلى الحوار النووي مع الشيطان الأكبر. مهم جداً الإستعانة بالشيطان الأكبر لتجاوز مرحلة بالغة الخطورة أو الخروج من مأزق مكلف وخطر جداً، والشيطان الأكبر سخي على الدوام مع نظام الملالي، وإلى السخاء الذي تسعى إليه طهران يصبح مشروعها النووي بمنأى عن التهديد الجدي من جانب إسرائيل!
لكن حرب “مشاغلة” العدو رتبت على لبنان أثماناً لا طاقة له على إحتمالها. أثمان يعرف تفاصيلها حزب الله وهو الجهة التي تسببت بها، ولا يمكنه التهرب من تحمل المسؤولية عن دمار غير مسبوق في كل الشريط الحدودي جنوب الليطاني. ففي بلدات الجنوب جني أعمار ناس تمسكوا بالأرض وحولوها إلى جنة فباتت خراباً. وهو الجهة التي تتحمل المسؤولية الكبيرة عن دمار سيمتد لسنوات لكل الدورة الاقتصادية، ما يعني أنه في زمن الإنهيار العام الذي يقف خلفه تحالف مافياوي ميليشياوي إجرامي، فإن الإنهيار العام في الجنوب أكبر بكثير.. ويبقى الثمن البشري الكبير الذي دُفع حتى الآن والأمر الخطير أن “المشاغلة” مستمرة، ومعروف أن قرار فتح الحرب أسهل بكثير من قرار الخروج منها وهنا الطامة الكبرى!
وبعد، ما يعيشه لبنان اليوم يؤكد دون أدنى مبالغة، سقوط مفوم الدولة بشكل نهائي. لقد إرتاحت الطبقة السياسية إلى الدولة المزرعة، وإرتاحت إلى “سخاء” نظام المحاصصة الغنائمي، وغير منزعجة من تحول لبنان إلى مساحة جغرافية يختصره حزب الله، وأمامه واجهة نيابية – حكومية تلعب دور ساعي البريد بينه وبين الجهات الخارجية المنشغلة بعنوان عدم توسيع الحرب. هذه التفليسة الخطيرة ستستمر متسلطة على قلوب اللبنانيين تمارس الاستبداد والنهب المغطى بإبتداع أساليب مبتكرة من الرشوة، ما دامت النخب والقوى المتنورة والمناخ التشريني عاجزة عن بلورة البديل السياسي. ويستمر خداع الناس من جانب بعض “معارضة” نظام المحاصصة، الذين يطلقون بين الفينة والأخرى مواقف تحذيرية لحمتها وسداها أنهم على قيد الحياة يتنفسون!
وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن.
المصدر: وسائل التواصل الاجتماعي